قوله عز وجل: {فأقم وجهك للدين القيم} يعني لدين الإسلام {من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله} يعني يوم القيامة لا يقدر أحد على رده من الخلق {يومئذ يصدعون} يعني يتفرقون ثم ذكر الفريقين فقال تعالى: {من كفر فعليه كفره} يعني وبال كفره {ومن عمل صالحاً فلأنفسهم يمهدون} أي يوطئون المضاجع ويسوونها في القبور {ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله} قال ابن عباس: ليثيبهم الله ثواباً أكثر من أعمالهم {إنه لا يحب الكافرين} فيه تهديد ووعيد لهم. قوله تعالى: {ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات} أي تبشر بالمطر {وليذيقكم من رحمته} أي بالمطر وهو الخصب {ولتجري الفلك} أي بهذه الرياح {بأمره ولتبتغوا من فضله} معناه لتطلبوا رزقه بالتجارة في البحر {ولعلكم تشكرون} أي هذه النعم. قوله تعالى: {ولقد أرسلنا من قبلك رسلاً إلى قومهم فجاؤهم بالبينات} أي بالدلالات الواضحات على صدقهم {فانتقمنا من الذين أجرموا} يعني أنا عذبنا الذين كذبوهم {وكان حقاً علينا نصر المؤمنين} أي مع أنجائهم من العذاب ففيه تبشير للنبي صلى الله عليه وسلم بالظفر في العاقبة والنصر على الأعداء عن أبي الدرداء قال: سمعت النبي صلى الله عليه سلم يقول: «ما من مسلم يرد عن عرض أخيه إلا من كان حقاً على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة» ثم تلا هذه الآية: {وكان حقاً علينا نصر المؤمنين} أخرجه الترمذي ولفظه: «من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة» وقال حديث حسن. قوله عز وجل: {والله الذي يرسل الرياح فتثير سحاباً} يعني تنشره {فيبسطه في السماء كيف يشاء} يعني مسيرة يوم أو يومين أو أكثر على ما يشاء {ويجعله كسفاً} أي قطعاً متفرقة {فترى الودق} أي المطر {يخرج من خلاله} أي من وسطه {فإذا أصاب به} يعني الودق {من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون} يعني يفرحون بالمطر {وإن كانوا} أي وقد كانوا {من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين} يعني آيسين {فانظر إلى آثار رحمة الله} يعني المطر والمعنى انظر حسن تأثيره في الأرض وهو قوله تعالى: {كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى} يعني إن الذين أحيا الأرض بعد موتها قادر على إحياء الموتى {وهو على كل شيء قدير ولئن أرسلنا ريحاً فرآه مصفراً} أي الزرع بعد الخضرة {لظلموا من بعده} أي من بعد اصفرار الزرع {يكفرون} أي يجحدون ما سلف من النعمة والمعنى أنهم يفرحون عند الخصب ولو أرسلت عذاباً على زرعهم لجحدوا سالف نعمتي {فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولو مدبرين وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون} تقدم تفسيره.قوله تعالى: {الله الذي خلقكم من ضعف} أي بدأكم وأنشأكم على ضعف وقيل من ماء ذي ضعف وقيل هو إشارة إلى أحوال الإنسان كان جنيناً ثم طفلاً مولوداً ومفطوماً فهذه أحوال الضعف {ثم جعل من بعد ضعف قوة} يعني من بعض ضعف الصغر شباباً وهو وقت القوة {ثم جعل من بعد قوة ضعفاً} يعني هرماً {وشيبة} وهو تمام النقصان {يخلق ما يشاء} أي من الضعف والقوة والشباب والشيبة وليس ذلك من أفعال الطبيعة بل بمشيئة الله وقدرته {وهو العليم} بتدبير خلقه {القدير} على ما يشاء.